لماذا نغضب ونثور عندما يسيء اطفالنا التصرف؟ قد يكون سبب ذلك احساسنا باليأس لعدم قدرتنا علي أن نتحكم في سلوكهم السيء مما يعطي الآخرين انطباعاً بأننا اباء غير اكفاإ أو ربما يكون سببه لوم الناس لنا عندما يرتكب اطفالنا تصرفات سيئة لأننا في نظرهم لم نربيهم ونهذبهم باسلوب صحيح مما يشعرنا بالخجل أمام الاخرين خصوصاً عندما ينصح الوالدان طفلهما لكنه يتجاهل نصائح والديه وقد يكون ايضا سبب ذلك الغضب إننا نعتقد كأباء أن اطفالنا يتعمدون مضايقتنا بسلوكهم السيئ بينما هم لا يقصدون ذلك وإنما يرتكبوه علي اساس أنه لعبة مسلية مثلما حدث لرشاد البالغ من العمر سنتين عندما اخذ يتعمد رمي الشوكة من فوق طاوقة الطعام عدة مرات مما دفع والدته إلي أن تصرخ في وجه غاضبة : رشاد الشوكة موضوعة لتأكل بها لا لكي ترميها كل مرة علي الأرض .
ولو فكرت الأم بمنطق عقل ابنها لوجدت أن يفعل ذلك لأنها بالنسبة له لعبة يتسلي بها أو أنه امر مدهش اكتشفه فجأة إذن لا يحتاج تصرف رشاد إلي أن تغضب أمه عليه وإذا حدث وأخطات الأم في حق ابنها غاضبة فإن من الضروري أن تعتذر له أو تمدحه بطريقة عفوية لكي تمسح الجرج النفسي الذي سببته له ثم تجلس مع نفسها وتحاول أن تجد حلولاً تساعدها علي الاحتفاظ بهدوئها عندما تتكرر مثل هذه المواقف .
ولنأت بمثال عملي لكي نتعلم كيف نقوم بتطبيق هذه الطريقة في معاملة ابنائنا.
عادت والدة خالد من عملها تعبة ومرهقة جلست علي طاولة الطعام مع ابنها البالغ من العمر اربع سنوات بعد أن وضعت صحن المكرونة بالدجاج عليه لكي تأكل معه وبدون أن يقصد أوقع صحن المكرونة علي الأرض وتطايرت المكرونة علي ارضية المطبخ .
صرخت الأم بغضب: ماذا فعلت ياحمار؟ ألا تنتبه لقد اتسخت ارض المطبع كلها .
اجاب خالد: أمي كل شخص يخطيء هل تذكرين عندما اسقطت علبة عصير البرتقال منذ أيام؟
ردت الأم وقد تزايد غضبها وهي تمسح الارض لترمي ما تجمعه في القمامة : وتناقشني ايضاً أنني لا أتحرك كالقرد علي طاولة الطعام اجلس بهدوء وتناول طعامك ولا تتحرك حتي تنتهي منه ألا يمكنني أن اتمتع بغذاء هادئ وأنت تأكل معي
جلس خالد وأكل بهدوء حتي يمر غضب والدته بسلام لقد اغضبها دون أن يقصد وآثار اعصابها وأفسد عليها وجبة غذائها
لكن الأم عندما هدات شعرت أنها أخطأت في حق ابنها لأنها غضبت عليه كثيراً دون داع بسبب ارهاقها لذلك ارادت أن تعتذر له ؟
دخلت غرفة نومه فوجدته مشغولاً بألعابه مسحت علي رأسه قائلة : لقد شعرت بثورة غضب عندما كسرت الصحن لكنني تضايقت لأني غضبت عليك كل هذا الغضب لأنك لم تفعل ذلك عن قصد .
رد خالد : إذن لماذا غضبت علي هكذا
أجابت الأم: لانك كنت أقرب شخص أصب عليه غضبي لم يكن يوجد احد غيرك.
ضحك خالد واحتضن أمه
لقد كانت الأم تعبه عندما كسر ابنها الصحن لذلك ثارت في وجهه إلا أنها أحسنت القول عندما قالت وهي تحاول الاعتذارله
لقد شعرت بثورة غضب
إذ فهم الطفل من هذه الجملة أنها كانت تشعر بثورة غضب لا بالغضب عليه وعندما سألها : إذن لماذا غضبت هكذا؟
ردت عليه بروح مرحة: لأنك اقرب شخص اصب عليه غضبي لم يكن يوجد أحد غيرك ولم يحمل قول الأم أي احساس بالذنب لم تقل مثلاً: لقد أخطات يابني في حقك عندما غضبت عليك كل هذا الغضب .
كل ما كان خالد يريد معرفت كبقية الاطفال أن والدته فقدت السيطرة علي اعصابها عندما غضبت وأن حبها وعلاقتها به لن يسبب له الألم دائما وعادة ما يغفر الاطفال عندما يعتذر لهم آباؤهم لأن محبتهم ضرورية ومهمة جداً بالنسبة لهم .